jeudi 8 août 2013

الحب و الوفاء




لم تجف الأقلام بعد من تناول قضية العفو الملكي الأخير على المجرم الإسباني دانيال كالفان و ما خلفته من ردود فعل قوية وصل صداها لوسائل الإعلام العالمية.

لقد تم تناول القضية من كافة الجوانب القانونية و النفسية و الإجتماعية  و غيرها...لكن ما حز في نفسي كثيرا و جعلني أخط هاته الأسطر هي تهمة التخوين الجاهزة على ألسن البعض في وجه الثلة القليلة من أحرار هذه الأمة، الذين لا يخافون في قول الحق لومة لائم.

 وصف الكثيرون المبادرات العفوية التي حشدت مواطنين عاديين، غالبا غير متحزبين و لا ملتزمين سياسيا، أمهات و أباء، شباب في مقتبل العمر و كهول، بالتجمعات المعارضة للنظام التي من شأنها أن تزعزع ٱستقرار البلاد في هذا الظرف الإقليمي الهش.

خرج هؤلاء الناس للشارع لصرخ غضبهم لأنهم ليسوا أنانيين، لأنهم أحرار,لأنهم يرفضون الظلم، لأن ضمائرهم حية لم تمت، لأنهم يريدون الخير و الأحسن لوطنهم و للإنسانية جمعاء! أتظنون أن مجرما كهذا لن يتمادى في غيّه في بلد آخر و يقتل أرواح أطفال أبرياء ؟
خرجوا من أجلي و من أجلكم و من أجل الأغلبية الصامتة...و كانت أيادي القمع في انتظارهم...

حب الوطن هو أن نضع الأصبع على مكامن الخلل، حب الوطن هو أن ننزع فناجين العين‎ التي ألصقت لنا منذ الصغر و التي تمنعنا من النظر يُمنة و يُسرة كخيل السباق...

الوفاء للقائد هو أن نقول له الحق، مواطنين و مقربين، الوفاء للقائد هي المطالبة بمشروع مجتمعي حداثي، في نطاق الخصوصيات المغربية، الوفاء للقائد هو فصل السلط، الوفاء للقائد هو الشفافية و المساواة و حقوق الإنسان و العدالة الإجتماعية و حرية التعبير...

النموذج الحالي للدولة المغربية قد أبان في عدة مناسبات عن عدم قدرته في التكيف مع روح العصر و تغيّر العقليات لدى الأجيال الجديدة. الأجيال التي بالرغم من نبذها للأحزاب والممارسة السياسية في شكلها الحالي، تبين عن وعي عميق و تحليل واقعي للوضعية الحالية.

بتحليل بسيط نستطيع الجزم أننا لحد الآن لم نستطع التخلص من هاته البنية السلطوية للدولة و التي ترعاها أعلى دواليب مراكز ٱتخاذ القرار، يظن المقربون أن هكذا يحافظون على هيبة الملك...و على مصالحهم.

هاته البنية السلطوية لا مكان و لا معنى لها في دولة الحق و القانون، على أجهزة الدولة أن تتخلص من ذلك التعامل الصبياني لسياسة التركيع و العصا و الجزرة،تلك السياسة التي تقتل روح المبادرة و تتسبب من دون شك في مصائب ما خفي منها كان أعظم.

كنا نظن أن دستور 2011 رغم كل التحفظات التي أثيرت حوله سيمكننا من فك الحصار على هيمنة القصر، و سيمكننا أخيرا من أن ننعم بمناخ سياسي صحي و واضح لا تتداخل فيه المصالح و العائلات و المصاهرات...

و الآن، و بعد مرور سنتين و بعد ٱنتخابات أنتجت أغلبية حكومية جديدة لم يسبق لها الإمساك بزمام السلطة: لا قوانين تنظيمية نزلت و لا ٱنتخابات في الأفق؟ ضيّعنا سنتين في سجالات عقيمة شاركتنا فيها جل حيوانات الغاب...في غياب سلطة تنفيذية قوية تفرض نفسها...عادت ريما إلى عادتها القديمة و ذهبت مكاسب فبراير 2011 في مهب الريح...لولا هاته الحادثة التي قامت بإيقاد بقايا الأمل من الرماد